سر الحياة للشاعر د.محمد خالد الأمين


سِرُّ الحياةِ
********
أنْــت النَّدَى وفؤادِي فَاضَ يَنْسَكِبُ
والحبُّ أنت ولا كُرهًـــا ومَا نَسبُوا
نَبْضُ القلـــوبِ نزيفٌ بَينَ أَضْلُعِهِ
يَـكْوي الشَّرايِينَ إنْ أَشْجَى بِهِ الوَصَبُ
فيكِ الدَّلالُ الـــذِي أحبَبْــــتُه ذَهبًا
لا تَصـدَئِين سَدَادًا ليْتَهُمْ حَجبُوا
بيْن الضُّلوع دَلِيلٌ صِيغَ مِنْ مُتنٍ
يَتْلو خِطابًا وَمَــا عُشّـاقُهُ رَسبُوا
والنُّبْلُ يُقْرَعُ منْ أوْدَاجِ أدْمِغَةٍ
فِكْرًا وَمِنْهُ اسْتَفاضَ العِلْمُ والأَدَبُ
إنَّ الحَيـاةَ رحيقٌ من صَفا عسلٍ
وَالكُلُّ في جَبْحِــها لَاهٍ وَمَا تَعبُوا
إنْ فاتكَ العُمرُ لا تبْكِ الحَياةَ وَمَا
دامَــتْ لِذاكَ وَذاكَ النّجْــم يَنْتَسِبُ
وَقَدْ نَشَرْتُ مشيبَ الرَّأسِ أفْرِشَةً
حَتَّى يُوَارَى رَمَادُ الزَّمَا ويَحْتَجِبُ
مَنْ يَا تُرى يَقْتفِي رِزقًا ويُدركُه
والقُـوتُ كافِــــلُهُ رَبٌّ لَــهُ السَّبَبُ
سمّ ُاللّسَــــانِ عَلى طرْفيْ مَنابِتِهِ
يُدمِي جُرُوحًا كآلِ الجَوْر إِنْ غضبُوا
بَيْنَ السُّطـورِ نِفَاقٌ يَفْتَرِي كَذِبًا
يَطْغَى سرابًا وهَلْ قُرَّاؤُه نجبُوا
طُغيانُ نَاسٍ وَلكنْ لا عُقولَ لهُمْ
إِلَّا الجَهالَة فِي أنْفَاسِهَا العَطَبُ
عبقُ الأنَامِ نســــــيمٌ تَحتَه عَفَنٌ
يَهفُو خِداعًا ومـــا وُلّاهُهُ كَسبُوا
والذُّلُّ كُحْلُ الأَسَى شَطَّ الإِبَاءُ بِهِ
وَالخَلقُ ضَاقَ الأَذَى والعَدْلُ محْتَجبُ
والنَّاسُ في غفْلةٍ مِنْ كُلِّ مِصْيَدَةٍ
فَالوَرْدُ منْ تحْتــــهِ شوْكٌ بهِ لهَب
ترَمَّلَ الدَّهْرُ حتَّى نَـــــاح أذْرُعَهُ
بِالغَدْرِ شُلَّتْ ومنْ أَفْعالهِمْ حَطَبُوا
يرْجـونَ بالعَدْلِ نُورًا يهْتَدونَ بهِ
فَاسْتَحْوَذَ البَغْيُ وامْتدَّتْ بِهِ النُّخَبُ
يا أيُّهَا النَّـــــازِحُ المُنْفَى خلِيَّتُهُ
كَيْفَ الفِطَامُ وثَدْيُ الحُضْنِ مغْتَصَبُ
كَمْ لَيْلةٍ قد سَهدْنا والجُفونُ غَفَتْ
لمْ تَحْجُبِ الغَمَّ والأَنْفَاسُ تَلْتَهِبُ
وَالليـــــلُ يَشْهدُ لي أنِّي أرَاودُه
بالدَّمْع حتَّى يَخِرَّ الشوقُ وَالوَصَبُ
لبسْتُ ليْلًا ولمْ تُسْدَلْ سَتائِرُهُ
وَالفَجْرُ في نَعْشِـهِ لا حَوْلَ يَنْتَحِبُ
كَمْ آمِرٍ بَيْنَ مَوْجِ الظُّلْمِ راكِبُهُ
فاليَخْتُ مَهْمَـــــا بَهَا غَيًّا سَيَنْقَلِبُ
إنَّ الحَياةَ وفاقُ الرُّوح هَائِمَة
وَالمَوتُ قبرٌ سيُفنِي كلَّ مَا نصَبُوا
يَوْمًا تَعُضُّ الثَّــرى والكُلُّ ذَائقُهُ
مهمَـــــا سَرَحْتَ فأمرُ الله يُحْتَسَبُ
نَجْرِي تِباعًا وَنفْنى في مَعاقِلِهَا
كَمَوْجَةٍ رَدِيَتْ شطًّا وَتَغْتَرِبُ
إنْ لم تُواكِـبْ حياةَ العلمِ مِنْ نُظمٍ
تَبقَى حَنونًا إلى المَــاضي وتَرْتَقِبُ
وَبِالبُحُـــورِ إِذَا الأَفْكـــــارُ نَيِّرَةٌ
فِي خَيْمَةِ الحَرْفِ يَزْهُو الذَّوْقُ والطَرَبُ
أقْفَيْتُ نَظْمًا بإِجْلالٍ سَمَا وَهَجًا
والشِّعْرُ لمْ يَفْنَ مَهْما طالَتِ الحِقَبُ
*****
د.محمد خالد الأمين

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

أمل كاذب ولا حقيقة مرة للأديبة د.هبة رعد

حُقَّ الوداع للشاعر د.قسطة مرزوقة

أنين العذارى للأديبة غاده بوشر