أمل كاذب ولا حقيقة مرة للأديبة د.هبة رعد


أمل كاذب ولا حقيقة مرة. .......
سأروي اليوم قصة حقيقية. حدثت معي.  سأرويها وأنا اتمالك نفسي. ودمع عيني. سأرويها بحرقة أمسي وحرقة يومي كأنها وليدة اللحظة. ولم يمظي على حدوثها مدة طويلة من الوقت.  .......
ولدي هو صغير في السادسة من عمره. ذات صباح نهض من فراشه. وقمت بتحميمه وإطعامه. 
كنت أمر بوعكة صحية حينها. وكنت لاأقوى على الكلام آنذاك. .....
في هذا اليوم وبعد إعياء شديد.  غفلت عيناي بعد يوم كامل من عدم النوم.  ...أسبلت الجفون وغطت العيون لوهلة من الزمن وأنا جالسة.  ......
ذهب الطفل الصغير ليلعب مع أبناء الجيران..
كانوا قد ركبوا بابا جديدا وقتها. 
وعندما كانوا يلعبون وبين فتح باب وغلقه. وضع ذاك الطفل الصغير إصعبه في مكان قفل الباب. وبينما يلعبون أطبقوا الباب بقوة على إصبعه.  ....
جاء إبني وهو صامت ومضاهر الخوف تعلو وجهه. يمسكون أبهامه في منديل والدم يسيل.  
كانت السلامية الثانية قد قطعت.  
ودماء أبني قد نزفت. وقلب أم قد أوجعت. حين رأته روحها لبارئها فرت.  .......
تخاف ان تلمس أصبعه. وتخاف عليه من الوجع. ......
بكيت حينها الكثير والكثير. وأسبلت الدمع الغزير.  
قمنا بنقله إلى المشفى وقاموا بتطبيب إصبعه. كانوا سرا يتخافتون وينظرون إلي ويصمتون. كي لاأسمع مايقولون. 
إن مرت ثلاثة أيام على خياط الأصبع وارجاع السلامية إلى مكانها. ولم يزرق المكان فقد ذهب الشر.  ....
وإن ازرق فهنا بحثا آخر. 
وعندما سألتهم قالوا لي. 
هو بخير فلا تخافي. حتى لاتقعي مغشيا عليك. 

...........
مرت الثلاثة أياما دون نوم. مواصلة الليل بالنهار. وأضع رأسي جنب أصبعه وأقرأ القرآن.  
ومرت الثلاثة ايام.....
وأزرق لون الأصبع من مكان الأظفر.... .
وكنت لاأعلم بشئ.مطمئنة أن اصبعه بخير. ولكن لاأرى تحسن. 
طفل يريد اللعب والعدو مع الأطفال. وأنا أمسكه. .....
مر شهر بعد الحادث.... يخاف الكل أن يقول لي الحقيقة. وأن الأصبع يحتاج عملية استأصال السلامية الثانية للأبهام.....   
حتى يوم من الأيام تمالكت نفسي. وأخذته إلى طبيب معروف. بعد رحلة شهر من عدم النوم. حارسة لتلك السلامية. باكية نادبة ربي كل ليلة.  .....
ضجت الروح مني ومن أنيني. 
حين دخولي إلى الطبيب.. وأنا استند على حيطان العيادة. أصبحت عجوز من شدة الوجع اللذي في الروح. 
فقال إجلسي واعطاني الماء. وفتح الضماد. ورأى الأبهام....
نظر ذاك الطبيب المعروف في وجهي....أدرك شدة ضعفي. قواي الخائرة.                                                                  
 قال لاتخافي. عملية بسيطة .لن نأخذ من إصبعه سوى بضع سنتمترات. وسيرجع الأصبع لينمو. 
................
أحقيقة ماتقول؟ قال نعم. 
كانت العيادة تضج بالمراجعين. ولكنه أنتبه لحالتي أكثر منهم. فقرر أن يعطيني أملا زائفا. 
........
حدد الطبيب موعد العملية. دخل ابني المشفى .وفعلا قاموا بأجراء العملية.......
اخرجوه من صالة العمليات. وأنا أنظر كالمغشي عليه من الموت. .....
اخذوه إلى ردهة الخارجين من العمليات. وسط عناية طبية مشددة........
لم يمر أكثر من نصف ساعة. وأتى الطبيبان المساعدان للطبيب المشهور.   .......
اسمعهم وهم يقولون أين والدة الطفل اللذي قمنا بعمل عملية الأبهام له......
فقلت أناااا....
لما السؤال؟قالا الطبيب يقول هو بخير. وسينمو أبهامه. ويجب عليكي الأنتظار لحين انتهائه من باقي العمليات.......
وطلب أن نسألك. هل انت بخير؟
فقلت نعم. .....النعم كانت لا..... بقلب والدة مشتعل حرقة وألما وحرى. ليس أصبعه بل كأني ثكلى.........
فقلت نعم بخير.  ....
وعلى أمل مايقول الطبيب كنت آكل وأشرب وأنام.......
وإلا كنت من الهلكى.
لكني لاأحب المستشفيات فخرجت على مسؤوليتي الشخصية.   ......
بعد أن خرجت جاء الطبيب الجراح وسأل عنا. وقال لما خرجت وقلت لها لتنتظرني حتى انتهي. هذا ماأخبرتنا به الممرضة بعد أن اتصلت بنا.......
عند فتح الخيوط رآني الطبيب الجراح. 
قال ألا زلت على حالك؟إن ابنك والله سيتعافى ويكن بأحسن حال. والسلامية ستنمو. فلا تخافي من السوئى.... .
أطمأن قلبي أكثر.                                                       تعافى أبني ولم تنمو السلامية. وهو ابهام اليمنى. اليوم هو أشطر من يلعب البوبجي وهو أذكى. ويكتب أحسن مما يكتب من ابهامه متكامل.........فقد كان إبهام اليد اليمنى. 
كان سبب الصبر والتصبر عندي وعبور تلك المحنة هي الأمل الكاذب. لو كان قد قال لي الحقيقة المرة. لكنت مت ألما.   حينها. أو كنت في عداد الموتى. .......
شئ من واقع الأنسان. فلكل أنسان في واقعه الكثير والكثير مما يستحق أن يروى.  .......   
أمل كاذب ولا حقيقة مرة. 
واقع مواقع وطارق من الطوارق. 

هبة رعد 🇮🇶🇮🇶🇮🇶🇮🇶

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

حُقَّ الوداع للشاعر د.قسطة مرزوقة

أنين العذارى للأديبة غاده بوشر