فارس أحلامي للأديبة صفاء كروش
فارس أحلامي
فى سني المراهقة تطوف بنا الأحلام لترسم خطوط من ملامح فتى وفتاة الأحلام، منا من يستمدها من نجم ونجمة شباك عالم المتعة والخيال الذى وضع أسسه الظاهرة على الشاشة البيضاء من عيون كحيلة ساحرة وشعر ناعم يطل على الغرة بليل حالك السواد ووجه يحمل
ملامح ذكورية قوية إلا أنها لا تحمل قسوة، وشارب منمق ، هذا ما رسمه قائد العمل السينمائي _ المخرج _ لفتى الأحلام، نقلاً عن السينما الغربية، مرة ككلارك جيبيل وأخرى للشاب الرقيق الشعور المتمرد كجيمس دين.
ولفتاة الأحلام رسم لها العيون ذات الأهداب
المخملية والخصر النحيل والشعر الأسود والصوت الرخيم والملبس البراق الذى يكشف أكثر مما يخبئ، مرة بملامح شرقية وأخرى بملامح غربية كمارلين مونرو وغيرها، ولكل منهم أمزجة فرضوها على ساحة السينما بين
طيات العمل الفني، فى إشارة واضحة لمعالم الذكورة والأنوثة الكاملة فى عالم الخيال للمتلقي.
أما أنا كان فارس أحلامي بين طيات رواية للكاتب المصرى "محمد عبدالحليم عبدالله" الذى
تنقل بي من ملامحه الظاهرة، فهو رجل طويل
القامة والساقين، كثيف الشعر، ذو وسامة لا تخفى على كل ذى عين، بين الحاجبين تقطيبة تشكو فى صمت، قوى البنية فإذا ضرب الحجر بساعده تناثر شظايا من قوة ضربته، إلى ملامحه الباطنة فهو ثائر متمرد من نوع خاص، يبحث عن كينونة الكون وكينونته
وسط هذا الكون الشاسع، ترك المال والجاه والأصل العريق، فنفسه الفتية الثائرة وفطرته النقية تأبيا الخضوع والتقييد، عندما شاهد تعذيب أحد الرعاة بسوط صاحبه، لينقلب حاله
رأساً على عقب ويترك أباه وأهله وبلده كلها وهو ابن دهقان قريته وله من آثرة أبيه ما لم
يذوقها إخوته، ليبيع كل هذا ويذهب يتسول المعرفة وأصل الحياة، ليتقلب فى أصقاع الأرض بفيافها وحضرها بحثاً عن النور والقنديل
الذى بلا سراج، والحب الذى لا ينتهى بموت الأجل، والنعيم الذى لا يرتضى لنفسه بديلاً عنه، ليكتب اسمه فى صفحة التاريخ كاسم لكل ذى عقل واع وقلب نابض بالإيمان العتيق، وليسطر
بعمره رحلة خالدة شاقة مضنية تترك أثرها فى
كل نفس حرة أبية، لا ترضى الهوان والعبودية
تحت شهوات النفس، فانتزع نفسه من ترف تربى عليه ليسير فى طريق الحق، بل ليبتاع
ويصبح عبداً،،ويرتضى الرق حتى يرى من بُعث نبياً وهادياً، وفى خضم هذا الرق يفرح لملاقاة
صاحب الرسالة الأعظم، رسالة الهدى والبشرى،
ويصل برحلته لمنتهاها بجمال الرحلة ولذة الوصول فى قلب سيد الخلق من منزلة كريمة
ويتحدث بهذا فى حديثه الشريف صلى الله عليه وسلم، فعن أنس رضى الله عنه قال :قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم :"إن الجنة لتشتاق إلى ثلاثة علي وعمار وسلمان"
إنه الفارس الذى كني ببلده بعد انتماء لصوب الرحلة، بل هو لقب نفسه فى حياته، فعندما سألوه عن نسبه حيث يقول هذا : "أنا قرشي"
وذاك يقول :"أنا قيسي" وذاك يقول :"أنا تميمي" فقال :"أبى الإسلام لا أب لي سواه"
ومما كان له أثر فى نفسى لكلمات الكاتب عن
الصحابي الجليل "سلمان الفارسي" هذه الكلمات
الغراء " وأحس بحاجة للبكاء، فبكى من شوق مبهم يخالطه وعد غامض باللقاء وأحضان فى رحابة الأبدية ودفء الحياة كلها بكل أنواع الدفء، دفء الريش والزغب الشمسي والقلب والحب ". أما الرواية فكانت بعنوان
"الباحث عن الحقيقة"
بقلمى
#صفاءكروش
تعليقات
إرسال تعليق